أنا مضغوط

  • 162

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

في ظل الضغوط اليومية والمشاكل الحياتية والصراعات الدنيوية؛ يبتلى كثير من الناس بضيق في الصدر واضطراب في الحياة وتشنج في التصرفات؛ ومن ثم تؤثر على صحتهم وأسرتهم ووظائفهم وعلاقاتهم المختلفة، ومن وراء ذلك تكثر حالات الطلاق في المجتمع بصورة كبيرة، وتتوالى الشكاوى من إدمان الأولاد وانحرافاتهم، ويظل الشخص محبوسا في الهم والحزن.ولو فكر الناس في إزالة هذا لوجدوا العلاج سهلا ميسورا في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} سورة يونس.

لذلك لا بدّ أن يسأل كل منا نفسه: كم مرة أمسكت المصحف وأخذت تتلو كتاب الله تعالى حين أحسست بالضيق؟! كم مرّة وقع في خلدك أن أهم أسباب همك وحزنك بعدك عن كتاب الله وهجرك له؟ فالقرآن ربيع القلوب وراحتها، لذلك علمنا النبي صلى الله عليه وسلم دعاءً يصرف الهم ويزيل الكرب، ويتعلق هذا الدعاء بكتاب الله ويربط القلوب به ويلفت النظر إلى تدبره، فقال صلى الله عليه وسلم: "ما قال عبد قط إذا أصابه هم أو حزن: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك؛ سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور بصري، وجلاء حزني وذهاب همي؛ إلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحا" قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات؟ قال: "أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن".

حين تقرأ في كتاب الله وتتجول من آية لأخرى، وتستشعر عظمة ربك وتتعرف عليه وعلى أسمائه وصفاته، تتخلق بأخلاق القرآن وتتبع أوامره وتجتنب نواهيه، تقرأ قصص الأنبياء من قبل وتقتدي بهداهم وتتعلم من صبرهم، توقن بعدل الخالق وحكمته، تقرأ عن الجنة وما أعدّ الله للمؤمنين بها وترغب فيها، وعن النار وما توعد الله العاصين به فيها فتحذر منها، وعن الدنيا وغرورها وزخرفها، وتسبح في وصف الله عز وجل للكون بما فيه من آيات وعبر وعظمة تدلنا على توحيده وتعظيمه تبارك وتعالى، وهكذا تنتقل من بستان إلى بستان ومن جمال إلى جمال ومن موضوع إلى آخر؛ فتنسى الدنيا وهمومها وتعبها ونصبها وتحلق بروحك في سماء حب الله جل وعلا، قال صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف".

حين تقرأ في كتاب الله تجد حلا لمشاكلك وعلاجا لضغوطك وانشراحا لصدرك، فينبغي علينا أن نعيد تقييم علاقتنا بكتاب الله قراءة وسماعا وتدبرا وعلما وتعليما وعملا حتى نسعد في الدنيا والآخرة.

ونسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته.