5 أسباب وراء تراجع الاستثمار الزراعي

  • 136
أرشيفية

5أسباب وراء تراجع الاستثمار الزراعي
المنظومة مثقلة بالمشاكل .. و50% من سكان مصر يعيش على الزراعة
خبراء: كيف ينهض القطاع ونتائج البحث العلمي حبيسة الأدراج ؟
الفاو: نسبة الاستثمار لا تتجاوز الـ3%.. والحكومات أهملت الفلاح على حساب رجال الأعمال

يتجرع المصريون وحدهم نتيجة فشل الحكومات المتعاقبة في حل الأزمات في كافة مناحي الحياة، من تراجع في الزراعة والصناعة، وضعف الاقتصاد، وغيرها.


بما أن مصر دولة زراعة في المقام الأول؛ يوضح الدكتور جمال محمد صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، أن السبب الرئيس لأزمة الزراعة في مصر وصناعتها يبدأ من تهميش الحكومة للقطاع الزراعي ويتضح ذلك عندما جعلت الحكومة نصيب الزراعة من الاستثمار لا يتجاوز 3% من ميزانية الاستثمار الحكومي في الوقت الذي تجعل فيه أغلب الدول نسبة الاستثمار الزراعي لا يقل عن 10% اتباعا لنصائح منظمة الفاو ومنظمات التغذية العالمية بألا تقل نسبة الاستثمار الزراعي في كل دولة عن 10%، مشتملة الخدمات الرئيسية لحياة المزارعين البنية التحتية لقرى الريف يدخل فيها "شبكة الطرق والمرافق العامة والتسويق والمخازن".


وأشار صيام، إلى أن تهالك وانعدام الخدمات والمرافق في الريف يرجع إلى النسبة الضحلة، مؤكدا أن هذا الضعف يؤثر سلبا على نسبة الإنتاج الزراعي وضعف الاستثمار فيه مقارنة بالدول النامية.


وكشف عن 5 أسباب وراء تراجع الاقتصاد الزراعي، أولها أنه لا توجد مخصصات كافية لقطاع البحوث الزراعية التي اتضح أهميتها في توفيرها لأفضل الدراسات الداعمة في زيادة الإنتاج المتمثلة في "انتقاء واختيار أجواد الزراعات عالية الثمار واختيار السلالات الحيوانية عالية الإنتاج، والعمل على تحسين المحاصيل وخفض التكلفة ووصف أفضل الطرق لتحسين ممارسة الزراعة ومواكبة العالم الخارجي والتطور العلمي في مجال الزراعة والاستثمار فيه...إلخ".


وأردف أستاذ الاقتصاد الزراعي، أن ثاني الأسباب في تدهور منظومة الزراعة غياب دور المرشد الزراعي، موضحا أنه لا يوجد توظيف في مجال الإرشاد الزراعي منذ عام 1986، وكل المرشدين حاليا على أعتاب المعاش، مشيرا إلى أن المرشد الزراعي حلقة الوصل بين البحوث الزراعية والمزارع، وهو الموجه المباشر للفلاح القائم بدور التوعية الزراعية، واختيار أفضل الزراعات لكل موسم وطرق الري والتسميد والحصاد بهدف الحفاظ على الإنتاج الزراعي وتنميته.


وتابع: غياب المنظمات الزراعية ومؤسسات جمع محصول الزراعي من صغار المزارعين الواصل نسبتهم في مصر إلى أكثر من 80% لا يمتلكون أكثر من 3 فدادين، مشيرا إلى ضعف القدرة المالية والعلمية لتجويد، وغياب الجمعيات الزراعية وضعهم أمام مواجهة ضعف الإنتاج واستغلال التجار واحتكار محصولهم.


وأشار الدكتور جمال محمد صيام، إلى أن السبب الرابع وراء انحدار الصناعة الزراعية هو ضعف التسويق للمنتجات الزراعية وترك المزارعين للسوق السوداء، وتحكم أصحاب التجارات الخاصة في السوق والسعر، مردفا أن السبب الخامس والأهم هو ضعف التمويل الزراعي، مؤكدا على أن بنك التنمية والائتمان الزراعي مليء بالمشاكل وسوء الإدارة، وأن البنك يعتمد على تدوير القروض بين المزارعين دون استغلالها وجعل الإفادة الكبرى للفلاح.


وطرح حل مختصر لتلك الأزمة التي ستعصف بلا شك بالأمن الغذائي المصري مطالبا الحكومة بأن ترفع نسبة مخصصات الزراعة في الاستثمار العام من 3 إلى 10 %، بالإضافة إلى إنشاء منظمات وجمعيات تعاونية زراعية وتساندها الحكومة حتى تستطيع القيام بعملها باستقلالية، تخضع إلى قانون معتدل ينظمه التعاون الزراعي.


ولفت إلى أنه تجب إعادة النظر في موضوع الإرشاد الزراعي وهيكلته من جديد لمساعدة المزارعين الصغار على تبني زراعة قائمة على التكنولوجيات المتقدمة، بالإضافة إلى هيكلة بنك التنمية والائتمان الزراعي وإمداد المزارعين بمستلزمات الزراعة الحديثة.


وأكد ضرورة الزيادة لمخصصات البحوث الزراعية، موضحا أن الحكومة خسفت بها الأرض في العام الأخير وجعلتها 20 مليون جنيه فقط، بعدما كانت في الثمانينات 800 مليون جنيه، وهذا فرق كبير جدا لذلك البحوث أنتجت أفضل أنواع البحوث في القمح والقطن وغيره.


وختم كلامه: يجب على الدولة إعادة النظر في السياسة الزراعية ودعم الاستثمار الزراعي بطريقة جدية أكثر من ذلك، موضحا أن أكثر من 50% من سكان مصر يعيشون على الزراعة، كما أنه لا ينبغي لحكومة أن تنظر إلى الزراعة من الناحية الربحية ومقارنتها بالقطاعات الأخرى وإنما التعامل مع الزراعة من منظور الحفاظ على الأمن الغذائي لمصر، وألمح إلى أنالمشاكل السياسية المتزامنة مع مشاكل سد النهضة تؤكد على القائمين في القطاع الزراعي يسعون إلى تدميره.


في سياقه، قال الدكتور سعد زكريا، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة كفر الشيخ، ورئيس اللجنة الزراعية لحزب النور بكفر الشيخ، إن التراجع الزراعي في مصر يعود إلى أمرين الأول إحجام الفلاحين عن الزراعة والبحث عن أعمال أخرى بسبب ضعف العائد الزراعي مقارنة بتكلفة الزراعة، والثاني أن الوزارة لا توفر شتلات عالية الجودة ولا تتابع المواصفات العالمية للمحاصيل واشتراطات الصحة النباتية وعدم مقاومة الحشرات التي تصيب المحصول بطريقة سليمة.


وطالب الحكومة بإعادة الدعم للمحاصيل الزراعية خاصة التي تدخل في مجال الصناعة والتي تدعم الأمن الغذائي مثل "البنجر والقطن والقمح والرز"، بالإضافة إلى توفير مصانع للمنتجات الزراعية للعمل على رفع نسبة الفائدة المركبة ومضاعفة الإنتاج الزراعي، حتى تتضاعف الفائدة والسعر للمزارع لتغطية مصاريف الزراعة والعمل على زيادة الإنتاج.


وأضاف زكريا، أن كل جزء من مصر يتمتع بزراعة مختلفة عن الآخر ولكن الدولة لا تحسن استخدام ذلك، موضحا أن محافظات الدلتا تنتج أفضل محاصيل القمح والأرز ومحافظات أخرى تتميز بزراعة التمور وأخرى بالأسماك ولا يوجد لها خطة إدارة ولا اهتمام حكومي.


واختتم كلامه: لابد من دعم الدولة للفلاح ماديا وتثقيفيا وعقد ندوات ودورات علمية تساعده على العمل على مضاعفة الإنتاج الزراعي، والذي يعود نجاحه بشكل عام على الصادرات الزراعية بعد الكفاية الاستهلاكية للمواطن.


من الناحية الاقتصادية، يوضح الدكتور شريف حسن قاسم، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، والأمين العام السابق لنقابةالتجاريين القاهرة، أن مصر تحولت إلى دولة استهلاكية نتيجة لعدة عوامل منها اهتمام الدولة بأن تخرج من السوق الصناعي وتركه للقطاع الخاص، مشيرا إلى أن القطاع الخاص ليس قطاعا مبادرا أو إنتاجيا وإنما يسعى لتحقيق أعلى ربح ممكن وبأقل تكلفة، مضيفا أن دولة عدد سكانها كبير كمصر يجعل أصحاب القطاع الخاص يركزون فيها على توفير السلع والخدمات وليس إنتاجها، لأن الإنتاج يفتح باب المنافسة مع دول العالم المتقدمة وفي ظل الطفرة الاقتصادية العالمية لن ينجح في تحقيق الربح الأكبر فاختار الطريق الأسهل وهو العمل بنظام الوكالة.


وتابع: أن الدولة تساهلت وتركت التنمية الصناعية والزراعية لمبادرات القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي، موضحا أن الاستثمار الأجنبي والقطاع الخاصيخضع لحسابات مختلفة عن حسابات الدول ولا يدخل في أي عمل غير مربح حتى لو كان يتوقف عليه حياة البشر،مؤكدا على أن هذا سبب محوري في تراجع مصر عالميا في مجال الصناعة والزراعة.


وأضاف أستاذ الاقتصاد، أن الدولة ينبغي عليها أن تقوم بمشروعات تقود التنمية الصناعية والزراعية، أو على الأقل تساهم بتوفير المناخ الصالح لفتح مشاريع صناعية حقيقة، وفتح باب المساهمات مع الشعب وتسهيل الإجراءات في إنشاء المصانع وتوفير الأراضي والتراخيص وقيادة الدفة الاقتصادية الصناعية في مصر من جديد.


وألمح إلى أن الوضع السياسي والعسكري في المنطقة لا يجذب المستثمرين بشكل قوي، مؤكدا الاقتصاد المصري في المجال الصناعي والزراعي لن يتقدم إلا في حالة واحدة وهي الدولة مع الشعب في عمل صناعة محلية متميزة.