المحلل السياسي وليد العليمي في حواره لـ"الفتح": الفساد والبطالة أشعلا الثورة اليمنية

  • 159

المحلل السياسي وليد العليمي في حواره لـ"الفتح" الفساد والبطالة أشعلا الثورة اليمنية
المقاومة على أعتاب صنعاء.. وأيام إيران في اليمن باتت معدودة
النظام الدولي يسعى لاختلاق المشاكل والأزمات بدول العالم الثالث



انطلقت الثورة اليمنية في فبراير من العام 2011 قبل خمس سنوات، ومنذ ذاك الوقت، جرت في النهر مياه كثيرة،بل قُل دماء كثيرة، ثورة الشباب التي كانت تطمح في العدل والحرية والعيش الكريم، انقلبت كابوسا؛ بسيطرة الميليشيات الشيعية التابعة لإيران متمثلة في جماعة "الحوثي" على البلاد، مما أدى إلى انتفاضة عربية بقيادة المملكة العربية السعودية، لتنطلق "عاصفة الحزم" لقطع ذراع إيران في اليمن، ولكن مع كل هذا فإن الحرب -كأي حرب- يدفع ثمنها أفراد الشعب، واقتصاد الدولة.

ولمحاولة فهم أبعاد ما جرى عبر هذه السنوات الخمس؛ نفتح حوارا مع شباب الثورة اليمنية وناشطيها حول كل هذه الأحداث.


· في البداية.. دعنا نؤصل .. ما أبرز الأسباب التي أدت إلى قيام الثورة في اليمن؟


أبرز الأسباب التي أدت إلى قيام الثورة اليمنية عام 2011م ،هي الفساد -بكل أشكاله ومسمياته- الذي استشرى في كل مفاصل الدولة، وسيطرة حكم الفرد ، وهرولة النظام نحو مشروع التوريث، وارتفاع معدلات التضخم والبطالة وضآلة معدلات التنمية، وباعتقادي أن هذه نتائج حتمية وطبيعية للسبب الأول ألا وهو الفساد، الذي أدى لارتفاع معدل الفقر،وتلاشي الطبقة المتوسطة، أضف إلى ذلك غياب الرؤية الاستراتيجية للنظام حيال هذه القضايا، وانشغاله الدائم –فقط- في ترسيخ دعائم استمراريته، عبر خلق بؤر للصراع داخل المجتمع على حساب قضايا التنمية المصيرية.



· إلى أي مدى نجحت ثورة 11 من فبراير في تنفيذ هذه المطالب؟


في حقيقة الأمر لم تتمكن ثورة اليمن من تحقيق أهدافها، ولم يتحقق إلا بعض الأهداف، منها الإطاحة بمشروع التوريث، وإزالة بعض مراكز قوى الاستبداد داخل المجتمع اليمني، ويُعزى السبب في عدم تحققهذه الأهداف إلى الثورة المضادة التي قادها النظام السابق، بأدوات الدولة العميقة التي ظل يرعاها طوال الفترة الماضية، وفي اعتقادي هذا أمر طبيعي؛ فتاريخ الثورات يثبت ذلك، فالثورة الفرنسية لم تحقق أهدافها كاملة إلا بعد سنوات طويلة، خاصة إذا علمنا أن الثورة مازالت مستمرة.

· ما هي الأسباب التي أدت إلى تحول الثورة اليمنية إلى هذه الأوضاع الصعبة؟


السبب الوحيد لما آلت إليه الثورة اليمنية، هو الثورة المضادة، التي تكون عادة ً قوية وشرسة؛ لأنها ردة فعل لمراكز قوى النظام التقليدية المختلفة التي تشكل الدولة العميقة.


· تقارير الأمم المتحدة تؤكد أن 40% من الشعب اليمني تحت خط الفقر..هل زادت المعاناة مع الثورة؟، وأين هم من الخريطة الثورية للبلاد؟

هذا المعدل صحيحفعلا قبل الثورة، ولكن معدلات الفقر وصلت 60% حسب التقارير الأممية، والطرف الذي أوصل الشعب اليمني الي هذه النسبة قبل الثورة هو نفس الطرف الذي ضاعف منها بعد الثورة؛ من أجل أن يشبع رغبة الانتقام من هذا الشعب الذي لفظه وثار ضده، ومشكلة الفقر على رأس الخريطة الثورية للثوار، بل باعتقادي أنها المحرك الرئيسي للثورة.



· بدأ اليمن حوارا وطنيا شاملا في العام 2013.. ما أبعاد هذا الحوار؟


على الرغم من سيطرة النظام السابق على أكثر من نصف أعضاء هذا الحوار، إلا أنه خرج بنتائج إيجابية ومرضية نوعا ما، فلقد تضمنت هذه النتائج الكثير من الأهداف؛ لذلك سارع النظام السابق بتحريك أدواته؛ لإفشال مخرجات هذا الحوار، وعرقلة تنفيذها، عن طريق جماعة "الحوثي" المدعومة من الدولةالعميقة .

· كيف سقطت "صنعاء" بهذه السهولة؟ وكيف اجتاح "الحوثي" اليمن؟

هذا السؤال يؤكد بما لايدع مجالاً للشك، الطرح الذي طرحته آنفا، فكيف تمكنت جماعة محدودة الإمكانيات والقدرات من اجتياح العاصمة خلال ساعات إن لم تكن مجرد أداة من أدوات الدولة العميقة للنظام السابق؟!وإلا فمن الذي استدعاها وسهل لها دخول العاصمة والتهام الدولة بكل مؤسساتها؟! .

· تدور المعلومات بأن المبعوث الأممي "بن عمر" له دور كبير في تمكين الحوثيين .. ما حقيقة ذلك؟

لانستبعد ذلك؛ خاصة وأن المبعوث الأممي آنذاك لم يوصف ماحدث بالانقلاب الحوثي؛ وكان ذلك بمثابة ضوءٍ أخضر منه ومن الأمم المتحدة بشرعنة ما حدث، وهذا الموقف له أبعاد خطيرة على الموقف الدولي والإقليمي كأحد نتائج الثورة، وهذا الأمر أظهر "بن عمر" وكأنه متواطئ مع جماعة "الحوثي" التي قامت بتوجيه تهديدات نارية إلى دول الجوار، بعد تصريح أحد قادة الجيش الثوري الإيراني أن "صنعاء" العاصمة العربية الرابعة التي أصبحت بيد إيران.


· ما هي طبيعة العلاقة بين "صالح" و"الحوثي"؟، فقد كانا عدوين لدودين، فما الذي حدث؟

طبيعة العلاقة بينهما "علاقة متبوع وتابع "، فجماعة الحوثي مكون من مكونات الدولة العميقة، وهي أداة بيد الدولة العميقة للنظام السابق، أما قصة العداوة بينهما فهي قصة مفبركة، وتم إعدادها وإخراجها في مطابخ الدولة العميقة، ودفع ثمنها الجهلاء من الطرفين، والدولة العميقة هي التي تصنع التنظيمات المعارضة لها ، وكذلك صناعة العداوات الوهمية بينهما.

· ما هو مستقبل العلاقة بين صالح والحوثي؟


مستقبل العلاقة بين التابع والمتبوع، يحدده المتبوع عادةً ، أي إن "صالح" سيحدد العلاقة بينه وبين "الحوثي"، وبإعتقادي أن العلاقة بينهما لن تنتهي، على الرغم من أن صالح –كعادة المتبوع الإستبدادي– سيبحث عن فرصة لينجو، حتى اذا كان الثمن التضحية بالتابع "الحوثي"، ولكن في الوضع الحالي الذي وضع صالح نفسه فيه، أحرق كل سفنه ولم يتبق له إلا سفينة "الحوثي" ، لذلك في اعتقادي لن يغادر سفينة الحوثي هذه حتى يغرقا معا ً، مهما فُبركت خلافات وهمية بينهما.

· وماذا عن تحالف الحوثيين مع الإصلاح إبان الثورة؟، وما تفسيرك لما حدث بعد اجتياح صنعاء؟


في حقيقة الأمر كان تحالف الحوثي والإصلاح بتوجيهات من الدولة العميقة، كما كان خروجهما إلى ساحات الاعتصامات، وبالتالي كانت صناعة المواجهة بينهما بتوجيه من الدولة العميقة أيضا ً فالمعارضة صنعتها السلطة.

· كيف ترى "عاصفة الحزم"؟، وما تقيمك لها بعد مرور عام من انطلاقها؟


عاصفة الحزم تحقق أهدافها،ولكن ببطء شديد، وربما تتجه الأمور إلى حل سياسي بعد الحل العسكري.

· إلى أي مدى تعتقد أن مشروع الحوثيين في التهام الدولة اليمنية أُسقط؟ أم لا يزال الخطر قائماً؟

في اعتقادي أن مشروع الحوثيين على وشك السقوط، إما بالحل العسكري ودخول العاصمة، أو بحل سياسي قد يكون سابقا أو لاحقا لدخول العاصمة ، وفي كلا الحالتين؛ المشروع على وشك السقوط ، لأن اللاعب الإقليمي الماهر سيكتفي بترك العواصم العربية الثلاث "بيروت ودمشق وبغداد" لإيران.

· خالد بحاح قال إننا على مشارف صنعاء وأن 80 % من اليمن في أيدينا.. فهل أوشكت المعركة في اليمن على الانتهاء؟

فعلا أوشكت المعركة على الانتهاء، حسب التقسيمة التي ذكرتها آنفا، ولكن المعركة الحقيقية الكبرى مازالت مستمرة، فدائما تسعى الدول الكبرى لاختلاق الأزمات بدول العالم الثالث، لنَقُل أن اللعبة أشبه بالشطرنج.


· إذا دخلت القوات اليمنية صنعاء؛ هل سيستسلم الحوثيين ودولتهم الأم إيران بهذه السهولة؟

باعتقادي أنهم سيستسلمون بسهولة، وستكتفي إيران بدمشق وبغداد وبيروت، وستكون صنعاء بقبضة الحكومة التي ستسعى للتفاهم مع السعودية في القيادة والتوجهات.


· ما رؤيتك لمستقبل الحكم بالبلاد عقب تحرير اليمن من قبضة الحوثيين؟

باعتقادي سيستمر الأمر كما كان سابقا، مالم تتخذ إجراءات رادعة وفورية، بحق كل من أجرم في حق الوطن، مهما كان موقعه أو صفته أو منصبه.