مستشفى الخانكة تودع أكثر من 11 متوفى

  • 128
ارشيفية

وفاة 11 وإصابة 15 من نزلاء مستشفى الخانكة للصحة النفسية إثر إصابتهم بحالات إعياء شديدة وإغماء نتيجة موجة الحر الشديدة داخل عنابر المستشفى، وارتفاع درجة حرارة الجو الذي تشهده البلاد حاليًا.

الأمر الذي يفتح باب التساؤلات والتكهنات حول أسباب هذه الوفيات بالإضافة لإصابة آخرين باحتباس حراري؛ حيث تم نقلهم لمستشفيات حميات العباسية وبنها، وحتى هذه اللحظة، لم يتم تحديد أو معرفة الأسباب الحقيقية للوفيات والإصابات في الوقت الذي أكدت فيه التقارير الطبية وشهادات الوفاة أن الوفاة طبيعية.

قال الدكتور عادل عدوي، وزير الصحة، إن سبب الوفاة يرجع إلى العلاقة بين الأدوية التي يتناولها المرضى، حيث تحدث خللًا في تأقلم الجسم مع ارتفاع حرارة الجو، وهو ما حذرت منه الوزارة من قبل وأصدرت بروتوكولات وتعليمات تلزم جميع مستشفيات الصحة النفسية بتغيير تلك الأدوية بأخرى تتناسب مع الموجة الحارة التي تمر بها البلاد.

وأضاف "عدوي": إن هناك تعليمات واضحة بتوفير سبل الوقاية والتهوية اللازمة مع تشديد إجراءات المتابعة لجميع الحالات والتأكد من التزام جميع المستشفيات بتنفيذ القرارات وبروتوكولات العلاج الجديدة.

أرسل وزير الصحة، لجنة تقصي حقائق لمناقشة ما جاء في التقرير الشهري للوزارة بوجود عدة حالات وفاة بالمستشفى، وتفقدت اللجنة العنابر الخاصة بالمرضى، واطلعت على تقارير مفتش الصحة الخاصة بحالات الوفاة وكلها أكدت أن الوفاة طبيعية.


أوصت اللجنة، المشكلة من قِبَل وزير الصحة لفحص الواقعة برئاسة وكيل وزارة الصحة للطب الوقائي، بعمل جدول يومي بعدد مرات دخول المرضى للاستحمام داخل المستشفى، وسرعة شراء أجهزة قياس درجات الحرارة المتطورة لمتابعة المرضى، بالإضافة إلى وجود حجرة عزل بكل قسم من أقسام المستشفى مكيفة الهواء، وتزويد جميع الأقسام بكولديرات مياه مثلجة، كما أوصى التقرير بتقليل أعداد المرضى بالأقسام لتحسين عملية التهوية في ظل الموجة الحارة الحالية.

على صعيد آخر، اتهم أهالي المرضى المستشفى بالإهمال، مؤكدين أن سوء الأوضاع فيها هو السبب الرئيسي فيما حدث، وأشاروا إلى أن مرضاهم يعانون في المستشفى من سوء المعاملة وضعف التهوية وتدني الخدمة الصحية.

وقال الدكتور محمد لاشين، وكيل وزارة الصحة، إننا نتابع الموقف عن كثب ومستشفيات الصحة النفسية كلها مركزية وتخضع للأمانة العامة للصحة النفسية بالوزارة، مشيرًا إلى أنه يتم متابعة حالة المصابين بعد استقرار حالتهم الصحية.

وأشار لاشين، إلى أن جميع حالات الوفاة طبيعية وتسلمت أسرُهُم جُثَثَهُم، وجميع المتوفين تم توقيع الكشف الطبي عليهم من قِبَل مفتش الصحة، وأكدت التقارير الطبية أنه لا توجد شبهة جنائية في حالات الوفاة.

أوضح الدكتور جميل صبحي، استشاري الأمراض النفسية والعصبية، أن هناك بعض العقاقير التي تستخدم في الطب النفسي تعمل على زيادة درجة حرارة الجسد ومنع إفراز العرق الذي يسمح بسحب الحرارة منه، ومن أهم هذه العقاقير مضادات الذهان، وهي نوع من أنواع أدوية العلاج النفسي المهدئة للأعصاب، تستخدم في الأساس للتحكم في مرض الذهان، ويشمل ذلك الأوهام والهلاوس واضطرابات التفكير، والمرضى المصابين بمرض الشيزوفرينيا "الفصام".

وأشار صبحي، إلى أن المرضى النفسيين إذا لم يتلقوا تلك العقاقير والأدوية، من الممكن أن يؤذوا أنفسهم والآخرين والمحيطين بهم، سواء زملائهم بالعنابر أو الممرضات.

وأضاف أنه نتيجة للموجة الحارة التي تشهدها البلاد الحالية، كان من المفترض أن تقنن جرعات العلاج أو وقفه لفترة؛ تجنبًا لانتياب المرضى حالات الإعياء والإغماء التي أودت بحياتهم.

وتابع استشاري الأمراض النفسية: عند ارتفاع درجة حرارة جسم المريض، يجب نقله إلى مستشفى الحميات على الفور، أو عرضه على دكتور تخصص باطنة لتشخيص حالته وتلقي العلاج المناسب، وكذلك عمل كمَّادات من المياه الباردة لخفض حرارة الجسم، أو تركيب محاليل أو تلقيه أدوية مخفضات الحرارة والسخونة.

قال الدكتور مصطفى شحاتة، مدير مستشفى الصحة النفسية بالخانكة، إنني لم أقصر فى رعاية المرضى، ولكن موجة الحر الشديدة هي السبب في وفاة المرضى والمصابين.

وأضاف شحاتة، أن عدد الأطباء بالمستشفى يبلغ 30 طبيبًا و400 ممرض يخدمون 2200 مريض، وأنا غير مسئول عن موجة الحر وفتحت مكتبي ومكاتب الممرضين لإقامة المرضى لضعف إمكانيات أجهزة التكييف، مؤكدًا اتخاذ جميع الإجراءات لتخفيض حرارتهم.

وتابع: تلقيت اتصالًا من أحد فاعلي الخير قال: إنه سوف يتحمَّل نفقات أجهزة تكييفات للمستشفى بالكامل من أجل المرضى النفسيين بالمستشفى البالغ عددهم 1500 مريض، و700 مريض نفسي من مرضى السجون.

وأكد مدير المستشفى، أنه منع الأدوية التي ترفع درجة الحرارة بالجسم خلال شهر أغسطس، الذي شهد وفاة 6 مرضى العام الماضي، وأن مستشفى الخانكة أكبر مستشفى في الشرق الأوسط يخدم 30 ألف مريض متردد و1500 مريض محتجز و700 مسجون مريض نفسي في ظل إمكانيات ضعيفة، مشيرًا إلى أن العنبر يتسع لنحو 30 إلى 60 مريضًا وفقًا لمساحته وبفارق من 3 إلى 5 أمتار بين كل سرير بما يتنافى مع المعدلات العالمية.

بدورها، واصلت نيابة الخانكة برئاسة أمير ناصف، رئيس النيابة، تحقيقاتها في واقعة وفاة المرضى بالمستشفى، ومن المنتظر أن تناقش النيابة تقارير اللجان المشكلة في هذا الأمر.

قال الدكتور محمد عادل الحديدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة المنصورة، إن هناك عقاقير تستخدم في الطب النفسي تعمل على ارتفاع درجة حرارة الجسد، وهي بعض مضادات الاكتئاب ومضادات الذهان، وكذلك اضطراب المزاج، لافتًا إلى أن هناك عقاقير مستحدثة تستخدم في علاج تلك الحالات تتسم بآثار جانبية أقل.

وأوضح الحديدي، أن هذه العقاقير تؤثر على مركز التحكم المسئول عن تنظيم درجة الحرارة في الجسد، كما تمنعه من إفراز العرق المسئول عن سحب درجة الحرارة الزائدة منه.

وتابع: نتيجة لارتفاع درجة حرارة الجو، تبدأ درجة الحرارة تحتبس داخل الجسد، ولا يستطيع الجسد تبريد نفسه أو إفراز مادة العرق التي تسحب الحرارة من الجسم، فترتفع درجة حرارة المريض التي قد تصل إلى 41 أو 42 مما يصيبه بحالة من الإعياء الشديد أو الإغماء وصولًا للموت.