البرلمان المقبل فريسة المال السياسي

  • 89
ارشيفية

أقرت لجنة تعديل قانون الانتخابات البرلمانية، رفع الحد الأقصى لسقف الإنفاق الانتخابي والدعاية الانتخابية للسباق البرلماني المقبل، إذ رفعت السقف الدعائي للقائمة المكونة من 15 عضوا إلى 2.5 مليون جنيه بدلًا من مليون جنيه فقط، كما رفعت السقف الدعائي للقائمة المكونة من 45 عضو إلى 7.5 مليون جنيه بدلًا من 3 ملايين جنيه فقط، وهو ما اعتبره متابعون أنه قرار غير صائب، ويفتح الباب على مصراعيه أمام رجال المال السياسي، بينما يرى آخرون أنه قرار مقبول ويساعد في ضبط العملية الانتخابية.


وفي هذا الصدد، قال السفير معصوم مرزوق، القيادي بالتيار الشعبي، إن قرار لجنة تعديل قانون برفع سقف الدعاية الانتخابية يتيح الفرصة للمال السياسي، وإنتاج برلمان يكون رجالاته من أصحاب الأموال وممثلي دولة المحاسيب والفاسدين، مبينًا أن كل إجراء تقوم به لجنة تعديل الانتخابات يؤكد هذا التوجه حيال البرلمان المقبل، فضلًا عن عدم إعطاء الفرص إلا لمن لديه المال والإمكانيات المادية، متسائلًا: من لديه هذه الأموال والإمكانيات سوى الفاسدين، ومن سرقوا ونهبوا المال العام منذ عدة عقود؟


وأيَّد معصوم، الرأي القائل بأن رجال المال السياسي يريدون أن يدخلوا البرلمان كي يكونوا حائلًا دون دخول الشرفاء لكي لا يأتي رقيب يسألهم: أنَّى لكم هذا؟ ومنع أية محاولات لإصدار قانون من البرلمان يتناول ثروات أباطرة المال السياسي وما تم نهبه من قبل، مشيرًا إلى أن مَن سرق مليار أو أكثر ليست لديه العقبة في أن ينفق عدة ملايين على مجموعة من المرشحين يسعى من خلالهم إلى تنفيذ أجندته.


وعن دور الأحزاب حيال ذلك الأمر، أضاف القيادي بالتيار الشعبي، أن الأحزاب طوال الأشهر السابقة ترسل تعديلات ومقترحات للحكومة، فضلًا عن الإدلاء بتصريحات تلفزيونية وصحفية تناشد المسئولين بتهيئة الأجواء للوصول إلى حياة ديمقراطية سليمة، غير أنه لا يوجد من لا يستجيب.


وأضاف أنه بعد البقاء كل هذه الفترة بدون مجلس نواب، ننتهي إلى برلمان تتحكم فيه أصحاب المال السياسي، موضحًا أنه إن لم يحدث تغيير في الاستراتيجيات والرؤى فالطريق سينتهي إلى برلمان يحركه المال السياسي، متسائلًا: هل الوصول إلى برلمان كهذا سيكون حلًّا لمشاكل مصر، أم سيزيد من مشاكلها، ويصيب الكثير بالإحباط، وأن البخار المحبوس سيؤدي إلى انفجار أكبر من انفجار 25 يناير.


وحذر السفير معصوم مرزوق، مِن الكمِّ الهائل لما وصفها بالدعايات الخادعة والهبات والعطايا التي قد تنال من بعض المواطنين، مؤكدًا أن انتخابات بهذا الشكل لن تكون نزيهة، وأن النزاهة تشترط توافر مناخ يرسخ لقاعدة المساواة بين كل أطياف الشعب، وأن يستطيعوا التقدم للترشح، وأن يكون التصويت دون أية مؤثرات خارجية على الناخب نفسه.


بدوره، قال حسام عقل، عضو المكتب السياسي لحزب البديل الحضاري، إن قرار لجنة تعديل الانتخابات البرلمانية برفع سقف الدعاية الانتخابية مؤشر شديد الوضوح على أن الحياة السياسية المقبلة ستشهد عودة رأس المال السياسي من جديد، كما أخذ بخناق فترة المخلوع مبارك وأثر على كل السياسات والاستراتيجيات والقرارات المصرية، فإن رأس المال السياسي يعود بقوة وأكثر ضراوة من ذي قبل.


وأوضح عقل، أن هذا القرار يزيد من مخاوف المصريين على برلمانهم المقبل، خاصة أن عصابات المال السياسي يحكمون سيطرتهم على شتى وسائل الاعلام بصحفه وفضائياته؛ ومن ثَمَّ فإن مثل هذا القرار يكشف لنا أن مصر تتجه نحو مرحلة طبقية، تزيد فيها الضغوط على الطبقتين الدنيا والوسطى اللتين قد لا تجدان ممثلًا عنهما تحت قبة البرلمان المقبل في ظل مثل هذه القرارات.


ولفت إلى أن قرار رفع السقف التمويلي للدعاية الانتخابية تم إصداره دون أية مطالبات شعبية أو حزبية، خاصة أنه لن يخدم إلا من يمتلك المال السياسي؛ وبالتالي فإن الإصرار على إصدار هذا القرار يؤكد أن كثيرًا من فلول مبارك ورأس المال السياسي، ما زالوا يؤثرون في دائرة صنع القرار.


من ناحية أخرى، أعرب يسري العزباوي، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن تأييده لقرار رفع سقف الدعايا الانتخابية، مؤكدًا أن ذلك الأمر سيساعد اللجنة في ضبط عملية الإنفاق الانتخابي؛ ومن ثم التصدي لمن يحاول تجاوز ما حددته اللجنة من نفقات، وذلك عبر آليات الضبط والمراقبة التي لابد للمسئولين عن العملية الانتخابية أن يسعوا إلى تفعيلها.


وأشار العزباوي، إلى أن الاكتفاء بالمبالغ الصغيرة فيما يخص الإنفاق والدعاية الانتخابية، لم يكن ذا جدوى حقيقية؛ إذ إن الأمر تم تجاوزه أكثر من مرة في الانتخابات التي مضت من قبل، أما في حالة رفع الإنفاق المالي وزيادة سقف الدعاية الانتخابية بمبالغ مالية كبيرة؛ يكون التجاوز من قبل المرشحين أمر محدود للغاية؛ ما يسهل مهام اللجنة في ضبط المخالفين واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفين.


ويرى أن رفع سقف الدعايا الانتخابية لا علاقة له بنوعية البرلمانيين، مستشهدًا بحالات سابقة وبمن أنفق أموالًا طائلة من قبل لكنه لم يتمكن من النجاح والدخول إلى البرلمان، في حين أن كثيرًا ممن كانوا يتمتعون بتقديم المساعدات الخدمية تمكنوا من النجاح في السباق البرلماني والوصول إلى مقعد البرلمان، مؤكدًا أن الأمر لا يتوقف على حجم الإنفاق المالي بقدر ما يتوقف على قدرة وشخصية المرشح ذاته.