حرق الرضيع الفلسطيني جريمة تهز الوجدان الإنساني

  • 117
ارشيفية

استقبل العالم حادث حرق الرضيع الفلسطيني وإصابة 4 من أفراد أسرته نتيجة حرق منزلهم في نابلس من قِبَل مستوطنين إسرائيليين، بإدانات إسلامية وعربية وعالمية واسعة ومظاهرات ومسيرات حاشدة، انتهاء إلى مطالبات باللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها جريمة حرب ضد الإنسانية، بل والدعوة إلى الرد بقوة.


حيث أقدم مستوطنون متطرفون على حرق منزلين في قرية دوما جنوب نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة؛ مما أدى إلى حرق الرضيع الفلسطيني علي سعد دوابشة، الذي يبلغ من العمر عامًا ونصف العام، بعد إصابته بحروق شديدة بعد هجوم شنه عدد من المستوطنين على منزل عائلته بالزجاجات الحارقة ومواد سريعة الاشتعال في قرية دوما جنوب نابلس، كما أصيب 4 من عائلته.


قال غسان دغلس، مسئول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، إن مستوطنين من "يحي, ويش كودش" هاجموا منزلي المواطنين سعد ومأمون دوابشة اللذين يقعان على بُعْد أمتار من مدخل القرية، وكتبوا شعارات عنصرية باللغة العبرية مثل "الانتقام" قبل فرارهم.


وعقب الجريمة المروعة, دفع الجيش الإسرائيلي بقوات كبيرة إلى منطقة نابلس وعزز من وجود الشرطة وما يسمى "حرس الحدود" في مدينة القدس، تحت تبريرات بأن ما حدث في قرية دوما عملية إرهابية خطيرة نفذها مجموعة من المتطرفين اليهود.


أدانت الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامى، بمكة المكرمة، الجريمة الإرهابية البشعة، وأوضح الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وعضو هيئة كبار العلماء بالمملكة في البيان: "أن رابطة العالم الإسلامى تستنكر هذه الجريمة الكاملة بحق الفلسطينيين"، معربًا عن بالغ التعازي لأسرة الرضيع، وداعيًا بالشفاء العاجل للمصابين.


وطالب المجتمع الدولي، بالتدخل العاجل ضد هذه الجرائم المتكررة وتوفير الحماية الكاملة للشعب الفلسطيني من الممارسات العدوانية للمستوطنين الإسرائيليين، كما ناشد قادة الأمة العربية والإسلامية أن يبذلوا ما في وسعهم لوضع حدٍّ لهذه الانتهاكات الخطيرة المتكررة، وإلزام الكيان الصهيوني بعدم التعرض للشعب الفلسطيني وحمايته من المستوطنين المعتدين.


استنكر عادل نصر، المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية، جرائم الاحتلال الصهيوني الغاشم، وما يرتكبه بحق الشعب الفلسطيني من إرهاب وحرق ومجازر لا تستثني صغيرًا أو كبيرًا.


وأضاف نصر، أن ما فعله الصهاينة من حرق الطفل الفلسطيني من قِبَل قوات الاحتلال يدل دلالة واضحة على وحشية وتجرد هؤلاء من المعاني الإنسانية، واصفًا الحادث بالجريمة النكراء والإرهاب الذي يفوق الوصف.


وتابع: "لا بد من محاكمة هؤلاء المجرمين وردعهم؛ فصمت المجتمع الدولي عن جرائم إسرائيل يدل على ازدواجية المعايير، كما لو كانت إسرائيل غير معنية بالقانون الدولي وكافة المواثيق والأعراف".


وناشد المتحدث باسم الدعوة السلفية، الأمة الإسلامية -حكامًا وشعوبًا- بتناسي خلافاتها، والاجتماع للخروج من حالة الذل والهوان، وتحرير مقدساتها، وحماية شعوبها، لدحر المخططات التي تحاك لها.


وسخر رجب أبو بسيسة، عضو الجمعية العمومية للدعوة السلفية، من موقف العرب تجاه حرق الطفل الفلسطيني متسائلًا: "هل الاستنكار بشدة يفسد حياة اليهود ويجعلهم في حيرة من أمرهم؟ ماذا يفعلون حتى يتفادوا الشدة التي تعقب الاستنكار؟!"


وأشار أبو بسيسة، إلى أن موقف العرب لم يتعد الاستنكار، متسائلًا: متى حلَّ الاستنكارُ قضيةً أو رفع ظلمًا؟ ومتى سنرفع هذا الذل والهوان؟ مضيفًا:

"جرائم اليهود من قتل وحرق وتدنيس للأقصى لا تحل بالاستنكار والشجب والإدانة، أو انتظار الأمم المتحدة لرفع الظلم ورد الحقوق؛ فالطريق معروف وقد أخبرنا به صلى الله عليه وسلم حين قال: "سلط الله عليكم ذلًّا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم". مضيفًا: "يرفع بالعمل والتكاتف والتوحد والاعتصام بالكتاب والسنة، وليس بالنعرات ولا القوميات".


وأوضح أن حكام العرب يتحملون المسئولية أمام الله عز وجل، ثم أمام شعوبهم، مشيرًا إلى أن اليهود يتغطرسون والإيرانيين يتوسعون، والأمر خطير والمصاب جلل؛ فهَلُمُّوا جميعًا لنستحيي.


وتساءل الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: لماذا يدفع الفلسطينيون ثمن سلب أراضيهم وطردهم منها؟ ليس قتل الإسرائيليين أطفال فلسطين أمرًا جديدًا، فهو جريمة مستمرة منذ بدأ تجسيد المشروع الصهيوني على الأرض الفلسطينية، ولعلنا لم ننسَ الطفل محمد الدرة، ولا أطفال غزة الذين قتلتهم يد الوحشية الإسرائيلية في هجماتها المتكررة في السنوات الأخيرة .. فلماذا يا ترى أصيب نتنياهو هذه المرة بالصدمة ووصف جريمة المستوطنين بالإرهاب وسلوك غير مسبوق لصهيوني متطرف؟ ولماذا أكد أن إسرائيل تتصرف بحزم مع الإرهاب بغض النظر عن مرتكبيه، وأنه سيسلك كل السبل حتى يمثل المهاجمون أمام العدالة؟ ولماذا تعهد وزير دفاعه بالقبض على المهاجمين، وبأنه لن يسمح للإرهابيين بالتعرض لحياة فلسطينيين رغم أن قواته تقتلهم؟!


ولماذا يصف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الجريمة بأنه عمل إرهابي وحشي مع أن هذا الجيش هو الراعي الرسمي لقتل الفلسطينيين؟


وأضاف يوسف، أن جريمة حرق علي دوابشة في الواقع ليست كأية جريمة، ففي كل جرائم قتل الأطفال والكبار السابقة كان بمقدور الإسرائيليين أن يجدوا لأنفسهم ذريعة بغض النظر عن تهافتها، فقد أطلق فلسطينيون صواريخ عليهم أو طعنوهم بسلاح أبيض أو دهسوهم أو حتى ألقوا حجارة عليهم، لكن هذه الجريمة تترك إسرائيل وسياساتها الاستيطانية عارية تمامًا، فهل هناك أكثر سلمية من أن يكون الضحايا نائمين على أَسِرَّتهم مغلقين عليهم باب منزلهم؟ الأمر الذي يفضح تمامًا الطبيعة العدوانية الإجرامية للاستيطان.


وأكد أنه لاشك أن جميع ردود الأفعال السابقة متوقعة وجيدة، لكن المتوقع أيضًا وللأسف أنها ستخبو مع الزمن فلسطينيًّا وعربيًّا ودوليًّا ما لم نغير ما بأنفسنا، والواقع أنه إذا كانت إسرائيل هي المسئولة الأولى عن هذه الجريمة، فإننا جميعًا مسئولون ولو بدرجات متفاوتة.