طالبوا بمياه آدمية .. فلم يجدوها من الأساس!

  • 135
ارشيفية

تتواصل معاناة أهالي قريتي "الحلوات" و"الجلايلة"، التابعتين لمركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية؛ بسبب انقطاع مياه الشرب عنهم؛ فمنذ واقعة التسمم التي حدثت في القريتين وفي مدينة الإبراهيمية منذ أكثر من شهرين، التي راح ضحيتها مواطن وأصيب أكثر من 600 آخرين، انقطعت المياه عن القريتين بشكل شبه نهائي، خاصة في البيوت التي لا تملك مالًا لتركيب مواتير رفع مياه، مما زاد معاناتهم خاصة مع دخول شهر رمضان المبارك.


رصدت "الفتح" في تحقيق سابق مُفَصَّل في العدد "182" معاناة الأهالي جراء واقعة التسمم، وتُوَاصِل في هذا العدد رصدها لما تسببه أزمة انقطاع المياه من مشاكل لأهالي القريتين، بالإضافة إلى اختلاط المياه بالصرف الصحي، بحسب ما أكده الأهالي في تصريحاتهم.


البداية من قرية "الحلوات"، حيث أكد الدكتور محمود أمين، أحد سكان القرية، أنه لا يستخدم في بيته مياه الشرب الخاصة بشركة المياه، وذلك قبل واقعة التسمم وانقطاع المياه، كما أنه لا يتابع مسألة عودة المياه من انقطاعها، معللًا ذلك بأنه لن يستخدمها أبدًا نظرًا لسوء جودتها، وأنها غير صالحة للاستهلاك الآدمي.

وأوضح أمين، أن المياه إذا جاءت فيكون ذلك لوقت بسيط جدًا بعد منتصف الليل، ولابد أن يكون لديك موتور لكي تستطيع الحصول عليها بكمية معقولة، "فملوش داعي تعب القلب؛ لأنه غصب عننا لازم نلجأ لحل بديل سواءً كان طلمبة المياه وفلاتر مع إننا نشتري مياه، ولا ننتظر حلًّا من أناس لا يفرق معهم شِرِبْت ولا عطشان، مياه صالحة للشرب ولا مليئة بالأمراض".


وأضاف الدكتور محمد غنيمي، أحد سكان القرية، أن المياه منذ واقعة التسمم مقطوعة ولا حياة لمن تنادي، والأهالي يعانون أشد المعاناة، ومعظهم أدخل الطلمبات كبديل عن مياه الشرب، لكن ماذا سيفعل الفقير؟ "بصراحة قمة اللامبالاة من المسئولين"، خاصة المحافظ الذي ظهر نشيطًا أول ما تسلم مهام منصبه الجديد، والآن "لا حس ولا خبر".


وأشار غنيمي، إلى أن المياه منقطعة عن القرية منذ أكثر من شهرين، مطالبًا الإعلام الذي تحدث عن واقعة التسمم، أن يقوم بدوره كذلك في الحديث عن انقطاع المياه، وتوضيح حجم المعاناة التي يجدها أهالي القرية، مضيفًا أنه لا يشرب من المياه من قبل التسمم بمدة كبيرة؛ لأنها مياه غير صالحة للشرب، كما طالب بعمل محطة مياه نقية، والاهتمام بحال وصحة المواطنين.

وفيما يخص قرية الجلايلة، أكد أحمد سامي، أحد أهالي القرية ويعمل في شركة سياحة، أن المياه مقطوعة عن القرية، وعند تشغيل الموتور تنزل من الصنبور مياه سوداء، مطالبًا المسئولين بحل المشكلة التي يعاني منها الأهالي، قائلًا: "فلوسي خلصت على المياه المعدنية وسيارات المياه، وربنا المسئولون سيحاسبون حسابًا عسيرًا أمام الله، وأنا والله غير مسامح أي إنسان منهم قصر في مهام عمله".


ولفت إبراهيم الحريتي، أحد سكان القرية ومدرس لغة عربية، إلى أنه أحيانًا عندما تأتي المياه يخاف أن تلمس يده ولا يريد أن يتوضأ منها، لكنه يتوضأ معتقدًا أن الوضوء غير صحيح؛ بسبب لون المياه الصعب والفظيع حيث تحتوي على قطع طين -بحسب قوله- مضيفًا أنه استيقظ ذات يوم عطشان وشرب من مياه الصنبور، قائلًا: "أقسم بالله مياه مجاري، وأنا من رحمة ربنا تقيَّأت كل ما في معدتي وأخذت مُطَهِّر معوي".


تطفو على السطح من جديد قضية تخبط المسئولين، فالتصريحات التي زامنت أزمة التسمم شهدت تخبطًا كبيرًا وكان المسيطر عليها أن يُبَرِّئ المسئول نفسه لا أن يبحث عن حل للأزمة، وهو ما تواصل مع أزمة الانقطاع وتلوث المياه، فرغم تأكيد أهالي القريتين أن المياه منقطعة منذ أكثر من شهرين ومختلطة بالصرف الصحي وغير صالحة للاستهلاك الآدمي، فإن شاكر عبد الفتاح، نائب رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي لقطاع شمال الشرقية، نفى أن يكون هناك انقطاع مستمر لمياه الشرب في القريتين.


وعلَّل عبد الفتاح، وصول المياه للأهالي بعد منتصف الليل يوميًّا، بأن هذه مناوبتهم، حيث يتم عمل مناوبة في القريتين من محطة مياه قرية السدس، قائلًا: "هناك جزء تأتي له المياه وجزء تنقطع عنه وهكذا، ولا يمكن توفير المياه في جميع البيوت لمدة 24 ساعة"، مدللًا على كلامه بأن الأردن وألمانيا وكل دول العالم تحدث فيها مناوبات -بحسب قوله-، مشددًا على أن المياه نقية ومطابقة للمواصفات ولا يوجد بها مجرد عكارة، موضحًا أن هناك محطة جديدة ستدخل الخدمة إلا أنها متوقفة على موافقة وزارة الصحة، ولم يحدد توقيت معين لتشغيل المحطة رغم معاناة المواطنين المستمرة مع المياه في القريتين.