• الرئيسية
  • "الفتح" تدق ناقوس الخطر بنك الاستثمار القومي يتجه نحو الخصخصة ... خبراء: مديونيات البنك 205 مليار جنيه وأموال التأمينات

"الفتح" تدق ناقوس الخطر بنك الاستثمار القومي يتجه نحو الخصخصة ... خبراء: مديونيات البنك 205 مليار جنيه وأموال التأمينات

  • 599
د.أحمد السيد النجار

يبدو أن سيناريو الخصخصة يجدد نفسه على طريقة الفيروسات الخبيثة، فها هو يقتحم حياة المصريين بأسلوب مختلف، فهذه المرة يتجه نحو القطاع المصرفي، وتحديدًا "بنك الاستثمار القومي" الذي أسسه الرئيس الراحل محمد أنور السادات بالقرار رقم 119 لسنة 1980، والمفارقة أن العدد 26 كانت له حظوظًا لدى بنك "الاستثمار القومي"، فقد صدر بالجريدة الرسمية في العدد 26 وأعلن عنه في الجريدة الرسمية يوم 26 يونيه من العام 1980.

واشتمل على 26 مادة، نصت أولاها على أن يتولى وزير التخطيط منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب، بينما قالت المادة الثانية أن يكون للبنك الشخصية الاعتبارية ويكون مركزه بالقاهرة.

ثم تحول البنك بقرار رئيس الجمهورية 418 لسنة 2001 بنقل تبعيته لوزير المالية مباشرة، وهو ما تحفظ عليه بل رفضه الكثير من الاقتصاديين من بينهم أعضاء بمجلس إدارة "بنك الاستثمار" مثل محمد حامد مصطفى الصياد الذي يطالب بفصل التأمينات عن المالية بالأساس، حيث إن تلك التشابكات تمنع من الاستثمار الأمثل لأموال التأمينات.

وبإنشاء بنك الاستثمار تم تصفية صندوق استثمار أموال الودائع والتأمينات، بحيث يتولى البنك استثمار هذه الأموال في صورة إقراضها بفائدة ثم إعادة إقراضها بفائدة أعلى للحكومة.

وهناك خطورة من تحويل بنك تزعم المؤسسات القائمة عليه أن مديونيته مرتفعة (وفي التقرير المالي الشهري لوزارة المالية لشهر أغسطس 2013.

كما بلغ إجمالي الدين المحلي للحكومة العامة 1359.1 مليار 78.3 % من الناتج المحلي جنيه في نهاية يونيو 2013 مقابل 1087.9 مليار جنيه)، و70.5 % من الناتج المحلي (في نهاية يونيو 2012. كما بلغ صافي الدين المحلي للحكومة العامة 1173.2 مليار جنيه) 67.6 % من الناتج المحلي الإجمالي (مقابل 914.7 مليار جنيه) 59.3 % من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية يونيو 2012.

وقد نتج الارتفاع المحقق في رصيد الدين المحلي للحكومة العامة في نهاية يونيو 2013 عن ارتفاع الدين المحلي لأجهزة الموازنة العامة، بالإضافة إلى ارتفاع مديونية بنك الاستثمار القومي بما يقرب من 3.3 مليار جنيه ليصل إلى 192.2 مليار جنيه في نهاية يونيو 2013، وبالرغم من ذلك تصر الحكومة على تحويله إلى بنك تجاري.. ثم بذلك تصبح ديون الحكومة لدى المساهمين في البنك الجديد ثم تبيع الحكومة أصولها مرة أخرى لسداد الديون.. وهلم جرا.

وأقل شيء يمكن حدوثه هو أن يستحوذ عليه أحد البنوك الموجودة، ويكون المستفيد هم رجال الأعمال الذين يتهربون من الضرائب ويطلبون المصالحة في تسديد القروض.. ونحن في "الفتح" نحاول سؤال المسئولين: كيف يُسمح بالاقتراض من أموال المعاشات وكلنا يعلم المآسي التي حدثت في تهريب الأموال إلى الخارج، ففي حالة تحويل البنك إلى تجاري سيكون عُرضة للفشل، وبالتالي سيظهر لنا من يقترح خصخصة البنك.

وتستثمر الغالبية العظمى من أموال المعاشات (92 %) منها) لدى بنك الاستثمار القومي، وتنص المادة 5 من القانون رقم 119 لسنة 1980 على أنه يجب أن تودع أو تضمن حسابات بنك الاستثمار القومي الاحتياطيات الفنية المتولدة لدى صندوقي المعاشات والتأمينات الاجتماعية وبما لا يتعارض مع قوانين التأمين الاجتماعي الساري.

كما تنص المادة 6 من نفس القانون على التزام الصندوقين بإبقاء فائض أموالھما المخصصة للاستثمار مودعة في البنك، ولا يجوز لھا أن تستثمر ھذا الفائض في أي وجه آخر من أوجه الاستثمار إلا بعد موافقة مجلس إدارة البنك، ويلتزم البنك بإيداع الفوائد عند استحقاقھا لحساب الصندوقين لمواجھة الاستثمار، وينظم البنك استرداد قيمتھا.

وكمثال عن استثمارات التأمينات لدى بنك الاستثمار في العام 2002: فنظرة إلى الاستثمارات المالية للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي في 30/6/2002، يتبين لنا أن مجموع استثمارات صندوق التأمين الاجتماعي قد بلغ في 30/6/2002 مبلغًا مقداره 167.085 مليار جنيه، منها 154.658 مليار جنيه لدى بنك الاستثمار القومي، تمثل 92.6% من مجموع استثمارات الصندوقين.

ويقوم بنك الاستثمار القومي بتمويل خطة التنمية للدولة من هذه الأموال، ومن غيرها من مصادر التمويل الأخرى (مثل شهادات الاستثمار وصندوق توفير البريد).

وتمثل أموال صندوقي التأمين الاجتماعي لدى بنك الاستثمار القومي اكثر من 70% من الأموال المودعة لدى البنك. وبلغت أموال المعاشات المودعة لدى بنك الاستثمار القومي حوالي 175 مليار جنيه مصري في 2003.

وتستخدم الحكومة الأموال المقترضة من بنك الاستثمار القومي في تمويل حوالي 77 % من استثماراتها (الجهاز المركزي للمحاسبات 2001). وقد وصلت مديونية الخزانة العامة للدولة لبنك الاستثمار القومي حوالي 52% من صافي الدين العام المحلي البالغ نحو 195 مليار جنيه في يونيو 2001.

وبلغت في منشور وزارة المالية عن مشروع الموازنة العامة 2013/2014 حوالي 205.3 مليار جنيه، أغلبها على الهيئة العامة للبترول البالغة 125 مليار جنيه، واتحاد الإذاعة والتلفزيون 17 مليار جنيه.

وسنذكر مثالاً للإهمال والتدهور الإداري - بالأخذ بحسن الظن- عندما كان البنك تابعًا لإدارة وزارة المالية؛ ورد في التقرير المالي لشهر فبراير 2013 صفحة 41 عن وزارة المالية ما نصه: أنه في ضوء ما تتسم به السياسة المالية الجديدة بالشفافية فقد تم قيد الدين المستحق على الخزانة العامة لصناديق التأمينات -الذي تم اقتراضه من خلال بنك الاستثمار القومي- كدين مباشر على الخزانة العامة للصناديق، وذلك في 1 يوليو 2006.

وقد قابل ذلك إصدار سندين على الخزانة العامة لصالح الصناديق بقيمة الدين 197,725 مليار جنيه، وبالإضافة إلى ذلك تم إصدار سند ثالث في نهاية يونيو 2007 بقيمة 74,5 مليون جنيه، وفي 2009 بمبلغ 2,3 مليار جنيه. كما تم إصدار سند سادس بمبلغ 988,8 مليون جنيه بنهاية 6/ 2008 بمبلغ 1,1 مليار جنيه، بالإضافة إلى سند خامس صدر في 30 /6 لصالح الصناديق.

بينما تم إصدار سند رابع في 30 يونيو 2010، بالإضافة إلى سند سابع بمبلغ 1,8 مليار جنيه في نهاية يونيو 2011، ومن الجدير بالذكر أنه تم مؤخرًا إصدار سندات بإجمالي 15,5 مليار جنيه بنهاية ديسمبر 2012 وذلك لسداد جزء من المديونية التاريخية المستحقة على وزارة المالية لصناديق التأمينات الاجتماعية. فما بالنا إذا آل الأمر لمجلس إدارة بنك تجاري!.      

سيناريوهات مكررة

أما عن السيناريو الذي من المتوقع أن يتبع في خصخصة البنك فسيكون الأمر في بدايته تحويل بنك الاستثمار إلى بنك تجاري ثم عرض جزء من الأسهم للبيع ثم خسارة تحدث في البنك كغيره من مؤسسات الحكومة ثم ضياع أموال التأمينات، والسيناريوهات مفتوحة وما خصخصة القطاع الحكومي عنا ببعيد، فبكل بساطة نحن بصدد خصخصة أموال التأمينات لعدم قدرة الحكومة على إدراتها.   

منظومة فساد

يقول دكتور أحمد السيد النجار، خبير الاقتصادي بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية: نحن إزاء منظومة فساد طغت وزاد حجمها عن 450 مليار جنيه، فالوقائع تتكرر، والسيناريوهات يعاد رسمها من جديد، ولكن هل ستكون هذه المرة من خلف ظهر الأجهزة الرقابية، أم أن الرقابة الشعبية ستكون هى الدرع الواقي لإيقاف منظومات الفساد التي تتكرر عبر العصور؟، بداية الخصخصة فالبداية كانت من منتصف تسعينيات القرن الماضي، حيث خسر الاقتصاد المصري مليار جنيه في أربعة بنوك.

وسرعان ما تفجرت قضية الهروب الشهيرة للعديد من رجال الأعمال المقترضين أمثال رامي لكح والمرأة الحديدية بأكثر من 38 مليار جنيه. أعقب ذلك شلل كامل في النظام المصرفي بعد توقف العديد من المقترضين عن السداد بحجة التعثر.

وفي المقابل كانت هناك عملية نهب -تكاد تكون منظمة- لصالح أصحاب رؤوس الأموال ورجال الأعمال والمستثمرين لإهدار كل فرص التنمية الاقتصادية حتى تظل البلاد في حالة ركود، ومن ثم يأتوا هم بالحلول السريعة التي تتمثل في الجريمة الكبرى، وهي الخصخصة.

فتم تكوين إمبراطوريات للنهب المنظم من خلال كيانات احتكارية محمية بتزاوج السلطة مع رأس المال. ولعب مهندس الخصخصة د. عاطف عبيد دورًا كبيرًا في ذلك.

وكشف د. أحمد السيد النجار أن بنك الاستثمار القومي كان أحد أهم ركائز النظام القديم في عمليات التمويه للسطو على المال العام، فالرقابة على البنك غير موجودة بل معدومة، ولا تخضع للبنك المركزي. وتابع النجار، أن بنك الاستثمار لا يقدم قروضًا للمواطنين؛ وإنما تعاملاته تحتاج إلى كثير من الايضاح والاستبيان.

فهم دائُما ما يقولون أن بنك الاستثمار ما هو الا صندوق ودائع لأموال التأمينات والمعاشات، وكانت تبعيته في البداية لوزارة التخطيط عند إنشائه، وعندما انتقلت ودائع التأمينات والمعاشات إلى وزارة المالية انتقل بالتبعية لإشراف وزارة المالية.

وشدد النجار على ضرورة الكشف عن تعاملات البنك الذي له مديونيات لدى الحكومة تفوق 205 مليار جنيه.